البحر لم يعد ملاذاً.. الموت يلاحق صيادي غزة في كل موجة

البحر لم يعد ملاذاً.. الموت يلاحق صيادي غزة في كل موجة
صيادون في غزة

تحول ميناء غزة البحري من مركز حيوي للصيد والرزق إلى ساحة خراب وبقايا حطام، بعد أن دُمّرت المئات من القوارب والأرصفة بفعل الضربات الجوية الإسرائيلية، فيما افترشت عائلات نازحة الميناء بعد فرارها من نيران الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً.

اتهم الصيادون والمؤسسات الحقوقية إسرائيل بشن حملة تدمير ممنهجة ضد قطاع الصيد، الذي كان يشكل مصدر رزق لأكثر من 6,000 فلسطيني، ووفق تقرير مشترك لمؤسسة "الضمير" وشبكة المنظمات الأهلية في غزة، قُتل 202 من العاملين في الصيد، وأُصيب أكثر من 300 آخرين منذ بدء الحرب، بينهم عشرات استُهدفوا خلال ممارسة مهنتهم في عرض البحر، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن أكثر من 90% من القوارب وغرف ومخازن الصيد دُمّرت كليًا، ما أدى إلى فقدان الآلاف لمصدر دخلهم الوحيد.

قصف من البحر والجو

قال زكريا بكر، منسق لجان الصيادين، إن القصف الإسرائيلي طال كل مقومات العمل البحري، مضيفاً: "منذ اللحظة الأولى استهدفت الزوارق والطائرات الحربية مراسي غزة، دمرت كل شيء: من مراكب إلى مصانع الثلج وحسبة السمك".

وأكد أن القطاع لم يتبقَ فيه سوى قارب واحد دُمّر أخيراً، مضيفاً: "قضوا على قطاع الصيد بالكامل.. وأثر ذلك في الأمن الغذائي لمليونَي إنسان".

ووصف الصياد زكي النجار الواقع بكلمات موجعة: "كل يوم نخرج فيه إلى البحر نواجه الموت".

وفقد النجار شقيقه برصاص الزوارق الإسرائيلية، لكنه يصر على البقاء في المهنة رغم الخطر قائلاً: "هذه مهنتنا، لن نتخلى عنها مهما كلف الأمر".

غلاء في الأسعار

أما الصياد محمود الهسي، فخسر ثلاثة مراكب كبيرة، وقال إن الإنتاج اليومي من الصيد لا يتجاوز 500 كيلوغرام، مقارنةً بالأطنان قبل الحرب.

وأضاف: "سعر الكيلو ارتفع من 25 إلى 400 شيكل.. لا أحد يشتري، البحر جفّ، والمائدة كذلك".

وأشارت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى أن الصيد في غزة كان يعول قرابة 110 آلاف شخص، لكن الآن، ومع تقييد مناطق الصيد لمسافات لا تتعدى أمتارًا، تحوّل البحر إلى منطقة خطر دائم على الصيادين.

وأفادت بأن ميناء غزة تعرض لأضرار جسيمة، ما أدى إلى تدمير غالبية القوارب وتفاقم أزمة الأمن الغذائي في القطاع.

قال تقرير المنظمة: "الأسماك، التي كانت يوما مصدراً أساسياً للبروتين لسكان غزة، أصبحت اليوم شبه معدومة في الأسواق".

أزمة في ظل حصار دائم

تُعد مهنة الصيد في غزة من أقدم المهن وأكثرها تعرضًا للقيود الإسرائيلية، إذ تحدد المسافة المسموح بها بالصيد عادة بين 6 و15 ميلاً فقط، ومع اشتداد التصعيد، أصبحت هذه المسافة لا تتعدى أحيانًا 100 متر عن الشاطئ، ما جعل ممارسة المهنة أشبه بمواجهة مفتوحة مع الخطر.

ويعاني قطاع غزة من حصار مشدد منذ أكثر من 17 عاماً، يفاقم من هشاشة الاقتصاد ويدفع قطاعات بأكملها، مثل الصيد، إلى حافة الانهيار التام.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية